منتديات الخير للتواصل
منتديات الخير للتواصل
منتديات الخير للتواصل
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات الخير للتواصل

منتديات الخير للتواصل والمواضيع الهادفة
 
الرئيسيةبسم اللهأحدث الصورالتسجيلدخول
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
المواضيع الأخيرة
» نداء استغاثة من اخ من الجزائر
بغداد....... Emptyالسبت ديسمبر 10, 2011 9:39 am من طرف dirah3

» منع الخيانة الزوجية قبل ان تبدأ
بغداد....... Emptyالجمعة أغسطس 19, 2011 7:30 am من طرف فارس الاسلام

» اقرءوا هذا الدعاء...
بغداد....... Emptyالجمعة أغسطس 19, 2011 7:25 am من طرف فارس الاسلام

» هارون الرشيد
بغداد....... Emptyالجمعة أغسطس 19, 2011 7:21 am من طرف فارس الاسلام

» نزار قباني
بغداد....... Emptyالجمعة أغسطس 19, 2011 7:03 am من طرف فارس الاسلام

» فضل سجدة الشكر
بغداد....... Emptyالثلاثاء يونيو 21, 2011 4:31 pm من طرف 

» هجرة الأدمغة
بغداد....... Emptyالجمعة أبريل 01, 2011 9:31 am من طرف 

» آدولف هتلر
بغداد....... Emptyالجمعة أبريل 01, 2011 8:14 am من طرف 

» التوتر و رائحة الجسم الكريهة
بغداد....... Emptyالإثنين مارس 07, 2011 4:28 am من طرف 

»  ظاهرة الصواعق
بغداد....... Emptyالثلاثاء مارس 01, 2011 4:57 am من طرف 

ازرار التصفُّح
 البوابة
 الصفحة الرئيسية
 قائمة الاعضاء
 البيانات الشخصية
 س .و .ج
 بحـث
عدد الزوار
بغداد....... Labels=0
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 1 عُضو حالياً في هذا المنتدى :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 1 زائر

لا أحد

أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 27 بتاريخ الأربعاء أبريل 26, 2023 5:55 pm

 

 بغداد.......

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة





تاريخ التسجيل : 31/12/1969

بغداد....... Empty
مُساهمةموضوع: بغداد.......   بغداد....... Emptyالجمعة يناير 14, 2011 4:02 am



بغداد عاصمة العراق وأكبر مدنه، وواحدة من كبريات المدن العربية. يقرب عدد سكانها من خمسة ملايين نسمة، وهي من مدن بلاد الرافدين، مهد حضارات إنسانية قديمة. فيها القديم التراثي والأثري، وفيها الحديث المعاصر. تأسست بعد الفتح العربي الإسلامي في القرن الثاني الهجري/الثامن الميلادي، وبقيت عاصمة للخلافة العباسية حتى سقوطها سنة 656هـ/1258م، وكانت محور حياة مدنية وفكرية مزدهرة و«أم الدنيا وسيدة البلاد» كما يدعوها ياقوت الحموي، وعلى ما أصابها من كوارث ومحن، فإنها بقيت حاضرة العراق الأولى ماضياً وحاضراً. تعرضت في حرب الخليج الثانية عام 1991 للقصف الشديد بمختلف أنواع الأسلحة التدميرية من قبل الولايات المتحدة وبريطانية وحلفائهما الغربيين.

اختلفت الآراء حول أصل التسمية (بغداد)، فمنها من قال بالأصل البابلي، من كلمة «بعل جاد» أي «معسكر بعل» و«بعل داد» أي «إله الشمس» باللغة البابلية الأمورية، ومنها من أرجع الكلمة إلى أصل كلداني نسبة إلى «بلداد» و«بل» الإله الكلداني. أو إلى أصل آرامي يتألف من كلمتين «ب» أي «بيت». و«كدادا» بمعنى الغنم فيكون معناها «بيت الغنم».

ويرى بعض المؤرخين، أن الكلمة تعود إلى أصل فارسي هو «باغ داد» أي بستان «ذا دويه» أو «بغ دادي» وهو اسم بستان أنشأه كسرى أنوشروان ملك الفرس (532 - 579م) في هذا المكان الذي صار قرية سميت باسمه. أو أنه يعود كما جاء عند ياقوت الحموي في «معجم البلدان» إلى كلمة تعني بالفارسية «عطية الصنم» وربما قيل «عطية الملك».

وهكذا يتبين أن الأصل في اسم بغداد له أكثر من مرجع، لكنه في كل الأحوال موجود بالتأكيد، سواء بلفظه أو بشبيهه، ولاسيما أن الاسم نفسه، قد ورد في كتب الفتوحات، ومنها أن القائد العربي المثنى به حارثة الشيباني، قصدها عند فتح العراق، لما ذكر له سوق بغداد التي يجتمع فيها التجار كل سنة. كذلك ورد اسم «بغداد» في أخبار الدولة الأموية مما يؤكد قدم استيطان الموضع.

وتعرف المدينة بأسماء أخرى، مثل مدينة «المنصور» نسبة إلى بانيها الخليفة المنصور، كذلك سميت «المدينة المدورة» لشكل بنائها الدائري، و«مدينة السلام» لأن نهر دجلة يقال له «وادي السلام» وقد أمر المنصور باستخدام هذا الاسم الأخير في سك الدنانير والدراهم العباسية، وفي المراسلات الحكومية، لكن ألسنة الناس درجت على استخدام اسم «بغداد» القديم حتى اليوم.

نشأة المدينة وتطورها

تقع بغداد بمحاذاة ضفتي نهر دجلة، في سهل لحقي منبسط ارتفاعه نحو 34م، بين خطي عرض 33 درجة و16 دقيقة و33 درجة و35 دقيقة شمالاً، وخطي طول 44 درجة و32 دقيقة شرقاً. وقد تعرضت المدينة لفيضانات النهر التي أحدثت فيها أضراراً كبيرة، وانتهت في عام 1956 بعد بناء سد سامراء شمال بغداد. وهذا الإجراء سمح للمدينة بالتوسع السريع والكبير شرقاً وغرباً، وتوسعها شمالاً إذ سمح بابتلاع بلدات مثل الأعظمية على الضفة الشرقية، والفاطمية على الضفة الغربية لدجلة، أقرب نقطة من نهر الفرات، حيث المسافة بين النهرين لا تزيد على 40 كيلومتراً، وذلك قبل التقائهما عند القرنة في جنوبي العراق.

وكان الرافدان دجلة والفرات، بعد وصلهما بقناة تصلح للملاحة النهرية، يؤلفان وسيلة نقل مائية تربط المدينة بالمناطق الشمالية والجنوبية.

ولعل نظام ري بغداد من أبرز مؤثرات الاختيار في النشأة الأولى، فقد جعلت شبكة الأنهار التي كانت تخترق موقعها على جانبي نهر دجلة، من ذلك المكان بقعة مثالية مناسبة لمتطلبات الري والزراعة المروية، فالجانب الغربي لهذا الموقع كان يروى من نهر سماه العباسيون باسم «نهر عيسى الأعظم» يأخذ مياهه من الفرات ويصب في دجلة جنوب بغداد اليوم بعد أن تتفرع منه عدة جداول. وكان هذا النهر صالحاً أيضاً لملاحة السفن القادمة من مدينة الرقة، تحمل التجارة من الشام ومصر. أما الجانب الشرقي للموقع فكان عامراً أيضاً بشبكة نهرية، يستقي أبرزها من نهر عرف باسم (النهروان) بجداوله الكثيرة، ويتفرع من نهر دجلة بجوار مدينة سامراء إلى الشمال من بغداد، ويسير بمحاذاة الأصل (دجلة) حتى يصب فيه مرة أخرى جنوب مدينة الكوت اليوم.

ويستدل من تنظيمات الري أن لها أثراً كبيراً في درء أخطار الفيضان عن المدينة وحمايتها، فقد نظمت مياه ديالى وشط العظيم بالتحويل وإقامة السدود، إضافة إلى إجراءات أخرى ظلت قائمة حتى عام (300هـ/912م) عندما انهار سد ديالى، عند خانق جبل حمرين، مما سبّب عودة النهر إلى مجراه القديم وتتابع موجات الفيضان أواخر العهد العباسي وما تلاه.

وشهدت المدينة إثر انتهاء الحكم العثماني، بعد عام 1917، تسعة فيضانات خطرة، سببت أضراراً فادحة، كان آخرها ما حدث عام 1954 وأغرق جزءاً كبيراً من بغداد الشرقية. ثم بدأ العمل بمشاريع درء الفيضان وحماية المدينة من الغرق، وأبرزها مشروع «الثرثار» على دجلة عند بلدة سامراء، ومشروع «الحبانية» على الفرات، ومشروع «دوكان» على رافد «الزاب الصغير» ومشروع «دربندخان» على رافد ديالى.

أما مناخ المدينة فهو حار وجاف في الصيف وبارد ورطب في الشتاء، الربيع والخريف فصلان قصيران لطيفان يبلغ متوسط درجة الحرارة بين أيار وأيلول نحو 41 درجة مئوية، وقد تصل درجة الحرارة القصوى المطلقة إلى 49 درجة مئوية في تموز وآب. لكن الرطوبة منخفضة 10-50%، تنخفض درجة الحرارة في الشتاء إلى 7 درجات ليلاً في الشتاء وفي النهار إلى 13 درجة مئوية، وقد تنخفض إلى دون الصفر.

وتؤدي الرياح الشمالية إلى تخفيف شدة الحر، والحد من وطأة رياح الجنوب التي تسمى العجاج أو الشرجي (الشرقي)، وتثير الزوابع الترابية التي قد تستمر عدة أيام خانقة، يتضاءل معها مدى الرؤية.

وتتعرض بغداد إلى وصول مؤثرات رياح البحر المتوسط بين شهري تشرين ثاني ونيسان، فتصل معدلات المطر إلى 150 ميلمتراً تقريباً في السنة، وتعتمد الزراعة على توافر مياه الري.

باعتلاء العباسيين الحكم انتقل مركز الخلافة من الشام إلى العراق وذلك لضرورات سياسية وعسكرية واقتصادية، وحين قرر الخليفة المنصور (136-158هـ/753-774م) أن يبني عاصمته الجديدة وقع اختياره على موقع بغداد مدفوعاً بعدة عوامل جغرافية وتاريخية، فقد كانت المنطقة مأهولة منذ قديم الزمان، إذ كانت مركزاً استراتيجياً واقتصادياً وتجارياً بين مراكز المدنيات البابلية والآشورية واليونانية والفارسية وملتقى طرق القوافل التجارية بين الشرق والغرب، مما أكسبها موقعاً فريداً في غاية الأهمية. لقد أراد المنصور من اختيار موقع بغداد بخصائصه، أن تكون مركزاً له ولجنده والمتصلين به، وقد ابتدأ البناء في أوائل آب سنة 762م.

وكانت مدينة المنصور التي اختطها له المهندس العربي الحجاج بن أرطأة، مدورة مثل عدة مدن أنشئت قبلها، كمدينة الحضر، والمدائن، أقيمت على مساحة 351.262 هكتاراً، أي بدائرة قطرها 5283م، ومحيطها نحو من 8132م. والمرجح أن موقعها، في المنطقة التي تسمى اليوم «الكاظمية» على الضفة الغربية من دجلة.

وروعي في مخططها أن تكون حصناً منيعاً، يستطيع المقاومة والصمود عند الحصار الخارجي، فقد جعل لها ثلاثة أسوار حصينة متفاوتة الأبعاد، تخترقها أربعة أبواب متقابلة، تتصل بطرق رئيسية متعامدة تقسم دائرة المدينة أربعة أرباع. وسميت تلك الأبواب بأسماء المناطق التي تؤدي إليها الطرق الخارجية، وهي شرقاً «باب خراسان» يقابله غرباً «باب الكوفة» وجنوباً «باب البصرة» يقابله شمالاً «باب الشام». وحفر حول المدينة خندق عميق له مسناة عالية من جهة المدينة، وأجري فيه الماء من جدول يتصل غرباً بالفرات.

وبنى المنصور في وسط المدينة قصر إقامته (قصر الذهب)، وأنشأ إلى جانبه مسجداً واسعاً، وحولهما قصور أولاده والمقربين إليه، يليها دواوين الحكومة ومؤسساتها، في حين انتشرت أسواق المدينة على امتداد الطرق الأربعة التي تربط الأسوار الخارجية بالرحبة المركزية، وتوزعت بقية الأبنية في المنطقة التي تفصل بين السورين الرئيسيين الخارجيين: الأول والثاني والسور الداخلي الأصغر. وظلت الشوارع الفرعية الأخرى للمدينة (السكك) تسمى بأسماء أصحاب الدور والبساتين الذين كانوا وقت بناء بغداد.

يمكن اعتبار مدينة المنصور الدائرية نموذجاً فريداً من نوعه في تخطيط المدن، ويؤكد المؤرخون المسلمون أن هذا التخطيط الدائري هو مظهر لم يكن معروفاً من قبل، وربما أرادوا القول إن مدينة المنصور الدائرية هي أول مدينة إسلامية بُنيت وفق مخطط دائري، إذ سبق وذُكرت مدن قديمة بُنيت على هذا الأساس.

بغداد في العصر العباسي (762- 1258م)

اتساع المدينة وعمرانها في العصر العباسي الأول: على أثر إنشاء المدينة عاصمة جديدة للدولة العباسية، واكتظاظ العمران داخل أسوارها، أقبل الناس على السكن بجوارها، واتسعت قرية الكرخ التي تقع جنوب المدينة، وصارت تعرف باسم محلة الكرخ، وقد نقل المنصور نفسه سنة (773م) الأسواق من مدينته المدورة إلى الكرخ، وعزم أيضاً على إنشاء محلة كبيرة أخرى في الجانب الشرقي لدجلة، شرق المدينة (المدورة)، لتكون مقراً لولي عهده المهدي وجيشه الخراساني، وذلك تحسباً من الفتنة بينهم وبين العرب، واستمرت عمليات البناء في هذه المحلة الجديدة نحو خمس سنوات، وسميت باسم «عسكر المهدي»، ثم سميت محلة الرصافة التي سرعان ما اتسعت لتنافس المدينة المدورة عمراناً وسكاناً، وتتفوق عليها في مراحل لاحقة، فابتنيت حولها الأسوار وازدحمت العمارة ومراكز الثقافة والعلم.

وإذ شهدت المدينة المدورة أزهى عصورها في عهد الخليفة هارون الرشيد (786- 809م) فأنشئت فيها المشافي (البيمارستانات) والمدارس والمساجد ومصانع النسيج والصباغة وصك النقود، واشتهرت بتراثها الأدبي والشعري والقصصي والعلمي. ولقد تغنى الشعراء بجمال بغداد ودعوها جنة الله في أرضه، لروعة حدائقها وخضرة أريافها وعظمة قصورها، والزخارف التي تزين قاعاتها وبواباتها، كما أشاد المؤلفون بجلالة قدرها وفخامة أمرها وكثرة علمائها وأعلامها وكثرة دورها ومنازلها ودروبها ومحالها وأسواقها ومساجدها وحماماتها وخاناتها. ولكن هذه المكانة تراجعت لمصلحة الرصافة بعد انتقال مركز الخلافة إليها في عهد الخليفة المأمون (813-833م) بعد انتصاره على أخيه الأمين، فابتنيت حولها الأسوار وارتحلت إليها دور العلم والثقافة ومراكز الثروة والجاه، وظلت بعض من آثارها باقية حتى اليوم.

كان لموقع بغداد الجغرافي ونشاط سكانها وتشجيع الدولة للتجارة أن أصبحت المدينة المركز الأعظم للتجارة، وأصبحت الأسواق من مظاهر الحياة الرئيسة فيها، سواء في الرصافة أو الكرخ، وكان لكل تجارة سوقها ولهذه الأسواق منذ عهد المنصور محتسب، يراقب الأسواق ويمنع الغش ويراقب الأوزان والمقاييس كما أنه كان يراقب الحمامات والمساجد، وكان لكل تجارة أو مهنة رئيس تعينه الدولة، ولكل مهنة صانع أو أستاذ، وكان من العوامل التي ساعدت على ازدهار التجارة والصناعة تطور النظام المصرفي في بغداد، كما يلاحظ من نشاط الصرافين والجهابذة، وكان للصرافين أسواقهم الخاصة ولاسيما في الكرخ، وكانوا يقدمون خدماتهم لأبناء الشعب، في حين كان الجهابذة يخدمون مصالح الدولة وموظفيها.

وشهدت هذه المرحلة من حياة المدينة معارف نظرية جمة، وبرز فيها أعلام كثر، فظهر الأصمعي والفراء، والخليل بن أحمد في اللغة، والمبرد والجاحظ في الأدب، وأبو نواس وأبو العتاهية والعباس بن الأحنف في الشعر، وابن إسحاق في الموسيقى، وآل بختيشوع وأولاد شاكر وابن ماسويه وابن البطريق وغيرهم في العلم والطب والفلك، وأنشئت المدارس والجامعات وقصدها طلاب العلم من جميع الأقطار الإسلامية، ونشأت الجمعيات العلمية مثل جماعة إخوان الصفا، الذين كانت رسائلهم أقرب إلى دائرة معارف موسوعية تحيط بمعارف العصر، كما كان بيت الحكمة مركزاً لترجمة روائع التراث العلمي القديم. وهكذا فإن بغداد كانت أعظم مركز للحياة العلمية والثقافية والفكرية في أزهى عصور الحضارة العربية الإسلامية، ويكفي أن يعود المرء إلى تاريخ بغداد للخطيب البغدادي ليرى كثرة الشعراء والأدباء والعلماء في كل حقل من حقول العلم والمعرفة.

بغداد في العصر العباسي الأوسط والأخير: في المرحلة الممتدة بين 836 و892م انتقل العباسيون إلى عاصمة جديدة هي سامراء للابتعاد بحرسهم من الأتراك عن الاختلاط بالعرب، ولكنهم بعد العودة مجدداً إلى بغداد واتخاذها عاصمة للدولة في عهد الخليفة المكتفي بالله (901-907م) اختاروا الإقامة هذه المرة في ما سمي «المخرم» على الضفة الشرقية من دجلة إلى الغرب من الرصافة، ويعرف موقعها اليوم بضاحية «الصرافية». وقد ابتنى الخليفة المكتفي سوراً جديداً للمدينة، مازالت إحدى بواباته قائمة اليوم بعد ترميمها واتخاذها متحفاً للأسلحة.

بعد مقتل المقتدر سنة 322هـ اضطربت الأوضاع في بغداد، وظهر منصب جديد في الدولة وهو منصب أمير الأمراء الذي طغى على كل المؤسسات الإدارية والفكرية والعسكرية، وفي سنة 330هـ تعرضت بغداد لأزمة سياسية واقتصادية شديدة لم ينقذها منها إلا الحمدانيون، ولكن نفوذهم لم يدم طويلاً لظهور شخصية توزون التركي الذي انفرد بالسلطة الفعلية في الدولة، والذي تمثل وفاته نهاية السيطرة التركية وبداية ظهور قوة جديدة على المسرح السياسي في بغداد هي البويهيون، وتبدأ بذلك مرحلة جديدة في تاريخ الدولة العباسية هي مرحلة السيطرة البويهية.

كان العصر البويهي بوجه عام عصراً قاسياً على بغداد التي تراجعت في عهدهم، الذي امتد من سنة 944- 1055م، فقد أهملت مدينة المنصور وتقلصت معظم الأحياء في بغداد الغربية، وكانت أعمر بقعة فيها الكرخ حيث أسواق التجار ومساكنهم، ولذلك صار يُطلق على الجانب الغربي من بغداد اسم الكرخ. أما الجانب الشرقي فكان أكثر ازدهاراً وكان معظم كبار رجالات الدولة يقيمون فيه، وكانت مناطقه العامرة هي باب الطاق حيث السوق العظيمة، ودار الإمارة حيث يقيم الأمراء البويهيون في المُخرِّم وقصور الخلفاء في الطرف الجنوبي، ولعل عضد الدولة (977- 982م) هو الأمير البويهي الوحيد الذي أظهر اهتماماً ببغداد، فجدد ما دُثر من الأنهار وأعاد حفرها وتسويتها، كما أمر بعمارة منازل بغداد وأسواقها وكانت مختلة قد أُحرق بعضها وخُرب بعضها الآخر، وابتدأ بالمساجد الجامعة وكانت في منتهى الخراب فهدم ما كان متداعياً وأعاد بناءها وألزم أرباب العقارات بالعمارة، فمن قصرت يده عن ذلك اقترض من بيت المال، كما بنى مشفىً كبيراً ببغداد عُرف بالبيمارستان العضدي. كانت هذه الإصلاحات ممكنة في عهد عضد الدولة لقوته التي أرجعت الأمن وضبطت الجند، ولرغبته الصادقة في تحسين الأوضاع، على أن الرفاه لم يدم طويلاً، وإذا استثنينا بعض الإصلاحات من سَدِّ بشق نهر أو حفر قناة، فإننا لانكاد نسمع بعد عضد الدولة إلا الحديث عن الفقر والخراب، وتكرر فيضان دجلة الذي خرب الأرض والغلات لعدم تنظيم مياهه، وقاست بغداد الكثير من فوضى العامة ومن الخلافات المذهبية التي كان يشجعها البويهيون، ومن «العيَّارين» الذين كانوا يفرضون الرسوم على الأسواق والطرقات وينهبون المسافرين ويقتحمون المنازل ليلاً وينشرون الخراب والدمار بالسيف والنار، وقد استمرت هذه الفوضى حتى مجيء السلاجقة.

ففي سنة 1055م دخل طغرل بك بغداد، وفي السنة الثانية وسع دار الإمارة بعد أن هدم العديد من البيوت والحوانيت حولها، وأحاط دار الإمارة بسور، وصارت تعرف بدار المملكة، أما ملكشاه فإنه وسع وأعاد بناء جامع المُحرم القريب من القصر سنة 484هـ وعُرف بجامع السلطان.

تركزت الحياة في بغداد الشرقية في العصر السلجوقي حول قصور الخلافة والأحياء القريبة منها، وقد زار بنيامين الطليطلي بغداد نحو سنة 1171م، فتحدث عن روعة قصر الخليفة بحدائقه وحَيْر وحوشه وبركته، وامتدح البيمارستان العضدي الذي كان يضم 60 طبيباً وجناحاً خاصاً للمختلين عقلياً.

وفي سنة 581هـ وصف ابن جبير بغداد، ولاحظ التدهور العام للمدينة وانتقد عجرفة أهلها «الذين يظهرون لمن دونهم الأنفة والإباء ويزدرون الغرباء... ولا يعتقدون أن لله بلاداً أو عباداً سواهم...»، ويذكر ابن جبير أن الجانب الغربي قد عمه الخراب، ولكنه مع استيلاء الخراب عليه يحتوي على سبع عشرة محلة، كل محلة منها مدينة مستقلة وفي كل واحدة منها الحمامان والثلاثة والثماني، وكان أكبر هذه المحلات، القُرَيَّة على شط دجلة قرب الجسر، ثم الكرخ وهي مدينة مسورة، ثم محلة باب البصرة وفيها جامع المنصور ثم الشارع.

أما الشرقية فهي دار الخلافة وقصور الخليفة والحدائق المحيطة بها تحتل ربع مساحتها، والشرقية كما يصفها ابن جبير «حفيلة الأسواق عظيمة الترتيب، تشمل من الخلق على بشر لايحصيهم إلا الله تعالى، وبها من المساجد الجامعة ثلاثة، جامع الخليفة متصل بداره، وجامع السلطان وهو خارج البلد ويتصل به قصور تنتسب للسلطان، وجامع الرصافة، والمساجد في الشرقية والغربية كثيرة لا تحصى، والمدارس بها نحو الثلاثين، وكلها بالشرقية، وأعظمها وأشهرها المدرسة النظامية التي بناها الوزير نظام الملك، ولهذه المدارس أوقاف عظيمة ينفق منها على الفقهاء والمدرسين والطلبة بها». وعلى الرغم من عظم شأن بغداد فإن ابن جبير وجد الفرق كبيراً بين وضعها كما رآها وبين ما كانت عليه في قمة ازدهارها.

عانت بغداد في العصر السلجوقي من الحرائق والفيضانات ومن اضطرابات وفوضى العامة والخلافات المذهبية، مما كان يؤدي إلى الكثير من سفك الدماء والدمار.

حملة هولاكو والحكم المغولي وما تلاه

في كانون الثاني عام 1258م، وصل هولاكو وجنوده إلى أسوار بغداد، واضطر الخليفة المستعصم أن يسلم المدينة دون قيد أو شرط في 10 شباط وقُتل بعد ذلك بعشرة أيام، هو وأفراد كثيرون من أهل بيته، ونُهبت المدينة وأُحرقت، ولكنها لم تُخرَّب بأسرها كغيرها من المدن التي استولى عليها هولاكو، لأنه كان يريد أن يتخذها عاصمة، فنجده على العكس يأمر بترميم عدد من العمائر، مثل جامع الخلفاء ويأمر بإعادة فتح المدارس والرباطات التي كان قد ازداد عددها في العهد السلجوقي لازدياد انتشار الصوفية. لكن بغداد ظلت بعد احتلال هولاكو تتقاذفها موجات الحرب والاجتياح، فتعاقب عليها الحكام الأجانب بين احتلال وآخر، زهاء أربعة قرون متتالية، مما انعكس على تخطيطها وتطورها فتراجعت المعرفة وانحسر العمران.

حكم الإيلخانيون (خلفاء هولاكو) بغداد حتى سنة 1339-1340م حينما استقل حسن بُزرك Buzurg بأمورها وأسس الدولة الجلائرية التي استمرت إلى عام 1410م، وفي أيامها استولى تيمورلنك على بغداد مرتين، الأولى عام 1393م، والمرة الثانية عام 1402م، حين قُتل أهلها وخُرِّبت كثير من المساكن والمنشآت العامة، وعاد السلطان أحمد الجلائري إلى بغداد سنة 1405م، وأصلح بقدر استطاعته الأمور التي خرَّبها تيمور، ولم ينقض وقت طويل حتى استولى عليها التركمان، وازداد تدهور بغداد وتراجعها في ظل حكمهم، فترك كثير من السكان بغداد، كما أن خراب نظام الري يفسر تكرار الفيضانات التي كانت تسبب الخراب والدمار.

بغداد في العهد العثماني

في سنة 1507- 1508م استولى الشاه اسماعيل الصفوي على بغداد، وبدأت حقبة من الصراع الفارسي العثماني عليها، فدخل السلطان العثماني سليمان بغداد سنة 1534م، ونظم إدارة ولاية بغداد وعهد بالإدارة إلى والي (باشا) ودفتردار للشؤون المالية وقاضي، وأمر بمسح الأراضي الزراعية وتسجيلها وبنى دور ضيافة للفقراء، وترك في بغداد حامية مؤلفة من الإنكشارية. وفي 1623م استولى الشاه عباس الأول على بغداد، ولكن العثمانيين بقيادة السلطان مراد الرابع استعادوها سنة 1638م، واستتب لهم الأمر فيها حتى سنة 1917.

تولى حكم بغداد 24باشا في المدة ما بين 1637-1704م، ولذلك لم يكن ثمة متسع من الوقت للولاة للقيام بإصلاحات، وكان الباشا يتمتع بسلطة شبه مستقلة إلا أن سلطة الانكشارية كانت كبيرة، وشهدت إيالة بغداد في بدايات القرن الثامن عشر فوضى إدارية وسيطرة الانكشارية على المدينة وسيطرة البدو على المنطقة المحيطة ببغداد، وفُقد الأمن والنظام الضروريان للتجارة، ولذلك افتتح تعيين حسن باشا عام 1704هـ ثم ابنه أحمد من بعده مرحلة جديدة في تاريخ بغداد، إذ اعتمدا على المماليك لكبح جماح الانكشارية، ووضعا أسس السيادة المملوكية التي استمرت حتى سنة 1831. ونجح حسن باشا في إعادة النظام، وأعاد بناء جامع سراي وألغى الضرائب المفروضة على الوقود والمواد الغذائية، وتابع أحمد باشا سياسة والده مما زاد في مكانة بغداد.

وحينما توفي أحمد باشا سنة 1747، حاولت السلطة في الأستانة أن تعيد سيطرتها المباشرة على بغداد، ولكنها أخفقت لمعارضة المماليك. وفي سنة 1749، كان سليمان باشا أول حاكم مملوكي تولى حكم بغداد، وهو المؤسس الحقيقي لحكم المماليك في العراق، ومن ثم كان على السلطان أن يعترف بمكانتهم وأن يعترف عادة بمرشحهم لحكم بغداد، وأسس سليمان باشا مدارس لتدريبهم وتثقيفهم لخلق نخبة مهيأة للقيادة والأعمال الإدارية فكانوا يتلقون ثقافة أدبية ويُدربون على استخدام السلاح والفروسية والرياضة البدنية وبعض آداب البلاط.

وطد سليمان باشا الأمن والنظام وشجع التجارة، ولكن بغداد تعرضت سنة 1772 لطاعون مريع استمر ستة أشهر فهلك الآلاف وهاجر آخرون، وتوقفت الحركة التجارية، ولكن سرعان ما استعادت بغداد، كما يبدو، نشاطها، فقد كتب شاهد عيان سنة 1774 أن بغداد سوق كبرى لمنتجات الهند وإيران والأستانة وحلب ودمشق، وباختصار فهي مستودع الشرق العظيم.

في سنة 1779 أصبح سليمان باشا الكبير حاكماً لبغداد، فرمم أسوارها الشرقية، وبنى سوراً حول الكرخ وأحاطه بخندق وبنى المدرسة السليمانية وجدد جامع الخلفاء وجامع الفضل والقَبَلانية، وبنى سوق السراجين، ومنع المصادرات وألغى الرسوم لدور العدل والقضاء ومنح القضاة الرواتب.

وجاء داود باشا سنة 1816 بعد مدة من الاضطرابات، فسيطر على القبائل وأعاد النظام والأمن، وأسس معامل للنسيج والسلاح، وشجع الصناعة المحلية، وبنى ثلاثة مساجد كبيرة أهمها مسجد حيدر خانة، وأسس 3مدارس، وبنى سوقاً بالقرب من الجسر، ونظم جيشاً يضم 20ألف جندي، قام بتدريبه ضابط فرنسي، وقد ساعدت إدارته النشيطة على ازدهار بغداد، ولكنه بالمقابل اضطر إلى فرض ضرائب باهظة. وكان من نتيجة الطاعون المريع الذي حدث سنة 1831 والفيضان الذي اجتاح المدينة مع سياسة السلطان محمود الثاني المركزية والإصلاحية أن انتهت سيطرة المماليك مع سقوط داود باشا.

ارتبطت بغداد ابتداء من العام 1831 م حتى نهاية الحكم العثماني مباشرة بالأستانة، ومن أشهر ولاة هذه المرحلة مدحت باشا (1869-1872) الذي أوجد نظام الولايات الحديث، فكان للوالي معاون ومدير للعلاقات الخارجية وكاتب (سكرتير)، وقُسمت الولاية إلى سبعة سناجق يترأسها متصرف، وألغى بعض الضرائب البغيضة. وفي سنة 1869 أسس أول دار للنشر وصدرت أول جريدة وهي «الزوراء» جريدة رسمية تصدر أسبوعياً، واستمرت هذه الجريدة حتى عام 1917. أوجد مدحت باشا كذلك المدارس الحديثة، فأسس مدارس تقنية وعسكرية ومدرسة إعدادية وأخرى ثانوية، وهدم أسوار المدينة كخطوة نحو التحديث، استمرت حركة الثقافة بعد مدحت باشا، فتأسست أول مدرسة إعدادية للبنات سنة 1899، وافتتحت أربع مدارس إعدادية سنة 1890، ومدرسة لإعداد المعلمين للمرحلة الابتدائية سنة 1900م، وتأسست خمس دور للنشر مابين 1884-1907، وفي سنة 1908 أرسلت بغداد 3ممثلين إلى مجلس النواب العثماني، وفي سنة 1910 بنى ناظم باشا سداً يحيط ببغداد الشرقية لحمايتها من الفيضانات.

ازداد سكان بغداد بانتظام بعد منتصف القرن التاسع عشر، فكان عددهم نحو60ألف نسمة عام 1853، وفي سنة 1900، قُدر عدد السكان بمئة ألف نسمة، وفي سنة 1918 بمئتي ألف نسمة. وكان الرحالة الأجانب يؤخذون بهذا المزيج الكبير من الجنسيات والعقائد والتفاوت في اللهجات، والحرية التي كان يتمتع بها غير المسلمين، من نصارى ويهود والذين كانوا يتكلمون جميعاً العربية، وكانت لكل فئة أحياؤها الخاصة، فالأتراك كانوا يسكنون في الأحياء الشمالية من المدينة، واليهود والنصارى في أحيائهم القديمة شمال وغرب سوق الغازي، ومعظم الفرس كانوا يعيشون في الجانب الغربي، ولكن الكرخ كانت عربية وقد ازداد عدد السكان العرب بدخول العناصر البدوية إليها.

بغداد في العهد البريطاني

دخل البريطانيون بغداد في 11 آذار 1917 إثر انتصارهم على الأتراك، وسرعان ما انصرف الحكم البريطاني إلى مقاومة الثوار العراقيين فاضطر إلى تغيير واجهة الاحتلال بعناوين جديدة بعد ثلاث سنوات إثر قيام «ثورة العشرين» الشاملة في معظم أرجاء العراق، ففرض على أثرها نظام الانتداب البريطاني (1920-1932) وصارت بغداد عاصمة لمملكة العراق منذ ذلك العهد.

لم يكترث البريطانيون للخراب الذي أصاب بغداد، بل أثقلوا كاهل العراقيين بالضرائب لتغطية نفقات الجيش البريطاني في العراق، واستمر الأمر على حاله فأهملت الجوانب العمرانية والتخطيطية للمدينة. لكن الفيضانات، اضطرتهم إلى تعزيز السور القديم الذي صار يعرف باسم «السدة الشرقية» وهو سد ترابي يحمي داخل المدينة من الغرق، في حين تنتشر خارجها أكواخ المهاجرين الفقراء والمستنقعات الآسنة التي تربى فيها الجواميس. كما أنشئت سدود جديدة لحماية بعض مناطق بغداد، مثل البتاوين والعلوية والكرادة الشرقية والزوية ومعسكر الرشيد والرستمية والزعفرانية.

وظلت بغداد في عهد الاستقلال تتطور ببطء شديد حتى منتصف الخمسينات، بعد أن زال عنها خطر الفيضانات، فتسارعت وتأثر توسعها وتطورها، أزيلت السدود الترابية وجففت المستنقعات من حولها، وبدأت ترتسم معالم بغداد الحديثة ومظاهرها الحضارية الجديدة.

فاضل الأنصاري، نجدة خماش



بغداد المعاصرة تخطيطها وعمرانها

في مطلع القرن العشرين كانت مساحة بغداد نحو ستة كيلومترات مربعة، فاتسعت إلى نحو ألف كيلومتر مربع عام 1995. وكان من نتائج سياسة، الخوف من الغرق، أن أصبحت المدينة تمتد طولياً على ضفتي دجلة على شكل خط رفيع ضيق بطول يقرب من 30 كيلومتراً في منتصف هذا القرن، وتحميه السدود الترابية من الغرق. وقد بدأت التصاميم الأساسية لبغداد بعد عام 1956، لتوسيع هذا الخط والابتعاد به عن ضفتي النهر بعد درء أخطار الفيضان، فقسمت مساحة بغداد بالقرار الصادر تلك السنة إلى قسمين:

القسم المركزي الكثيف العمران وسمي: (المنطقة العمرانية) ومساحته 230كم2، والقسم الخارجي المؤلف معظمه أصلاً من أراض زراعية، امتد إليها العمران في سنوات لاحقة، وسمي (المنطقة العمرانية الخاصة) ومساحته 620 كم2.

وفي عام 1971، اتسعت مساحة المدينة فبلغت نحو 865 كم2، وصدر قانون التصميم الأساسي لمدينة بغداد، ليكون دليلاً لتطورها حتى عام 2000، وروعي فيه المحافظة على المواقع التاريخية والمساحات الخضراء، بما يتوافق مع الزيادات المتوقعة في أعداد السكان.

السكان

يوم أنشأ المنصور مدينته، كانت القرى حولها قد سكنها العرب والفرس والنبط وبقايا الشعوب التي سكنت العراق القديم، وقد نزح إلى المدينة بعد بنائها كثير من سكان «المدائن» والكوفة والبصرة لعدة أسباب اجتماعية وحضارية وسياسية، فتصاهرت الأجيال واندمجت بمرور الزمان في غالبية عظمى عربية إلى جانب أقليات صغيرة من الأكراد والتركمان.

وقد قدر عدد سكان بغداد في عهد الخليفة هارون الرشيد بنحو نصف مليون نسمة، واستمر هذا العدد متذبذباً بين زيادة ونقص، بحسب الأحوال والحوادث وتتابع الحكام، حتى كانت الغلبة للهجرة الداخلية على ما سواها من العوامل في النمو السريع المتصاعد لسكان المدينة العاصمة في مرحلة ما بعد عام 1920. وفي أول تعداد لسكان بغداد أجري سنة 1870، أيام الوالي العثماني مدحت باشا (1869-1872)، تمهيداً لتطبيق قانون التجنيد الإجباري، تبين أن عدد السكان قد بلغ أنذاك نحو 65 ألف نسمة، ثم قدر عددهم في بداية هذا القرن بنحو 100ألف نسمة، ولم يكن بين هذا العدد غير طبيب واحد، مما يدل على تدني الحالة الصحية والاجتماعية حينها.

لكن أعدادهم بدأت بالتصاعد بعد ذلك التاريخ، وبيَّن أول تعداد رسمي أجري في العراق عام 1947، أن عدد سكان بغداد قد بلغ نحو 817 ألف نسمة، ثم تنامى العدد بسرعة ليصل إلى 2450000 نسمة في تعداد عام 1965، وإلى 3554000 في تعداد عام 1977 مما يعني ازدياد عدد السكان في ثلاثين عاماً نحو خمسة أضعاف، في حين زاد سكان العراق بأسره في المدة نفسها بمقدار مرة ونصف تقريباً، ويقدر عدد سكان بغداد لعـام 2000 بنحو 4.5 مليون نسمة، ومعظم المهاجرين إلى مدينة بغداد حتى عام 1947 هم من سكان المحافظات الوسطى، وبعد ذلك التاريخ أصبح معظم المهاجرين إلى المدينة من أرياف الجنوب العراقي، ولاسيما ريف محافظة العمارة الذي شهد موجات متتالية من النزوح لتفاقم مشكلات ملوحة التربة وتقلص حجم المساحات المزروعة، بعد إنشاء سد الكوت عام 1939م على نهر دجلة. لكن تيار الهجرة الداخلية إلى بغداد تزايد في العشرين سنة الأخيرة، وشمل سكان المدن الأخرى أيضاً من سائر العراق نتيجة للظروف التي سادت البلاد.

وبنتيجة الحرب العراقية الإيرانية (1980-1988) وتجفيف الأهوار جنوبي العراق (1991-1993) إثر حرب الخليج، لجأت الحكومة العراقية إلى عدد من الإجراءات لإعادة المهاجرين إلى قراهم ومناطقهم الأصلية.

وظائف المدينة ومعالمها

تحدد الاختيار الأول لوظيفة بغداد عند إنشائها في عهد الخليفة المنصور، بأهداف عسكرية واقتصادية وتجارية. وإذ تراجعت الأهمية التجارية العالمية للمدينة بعد فتح قناة السويس، فقد كان لمد سكة حديد بغداد التي تربط الشرق بأوربة مروراً بسورية وتركية الذي استكمل عام 1939، أثر في السعي لاستعادة بعض من ذلك الدور. وبقيت بغداد مركزاً روحياً ودنيوياً وثقافياً للعالم الإسلامي حتى سنة 1258م، وحفلت بعدد كبير من المعاهد والمدارس الكبرى فضلاً عن الجامعات التي تعددت اسماؤها وأهدافها.

وتحدد مؤسسات بغداد وخصائصها الراهنة، طبيعة وظائفها الحالية وآفاق تطورها في المستقبل، فقد اعتاد العراقيون، بتأثير المناخ، السكن في بيوت منفصلة لكل عائلة وتستخدم في بنائها مواد محلية معظمها من الآجر والجص، وتحيط بكل منها حدائق واسعة، مما أدى إلى إفراط في المساحات السكنية، وإلى امتداد أفقي واسع، وتسبب في مشكلات جمة في الإسكان وتوفير الخدمات، وفرض واقعة على التصاميم الحديثة للمدينة وعلى وظيفتها السكنية.

وتتفرع عن بغداد شبكة واسعة من طرق السيارات الحديثة التي تربطها بسائر أرجاء العراق والدول المجاورة، كما تتفرع عنها ثلاثة خطوط رئيسية للسكك الحديدية، شمالاً نحو مدينة الموصل ثم إلى سورية وتركية فأوربة، وجنوباً نحو البصرة والمحافظات الجنوبية الأخرى، وخط ثالث نحو مدن كركوك وأربيل في شمالي العراق، مما يجعل منها عقدة مواصلات مهمة في العراق.

تيسر الحافلات والسيارات الأخرى التنقل بين أرجاء المدينة الواسعة بعد تراجع النقل النهري الذي كان يستخدم قديماً وسائل بدائية في التنقل مثل «القفه» وهي زورق صغير دائري، «والكلك» الأقرب إلى طوف خشبي. وهناك مشروع قيد الدراسة لإنشاء «مترو الأنفاق» بخطوط يبلغ طولها 22 كيلومتراً للتخفيف من أزمة النقل الداخلي في المدينة.

ولبغداد وظيفة صناعية إذ فيها معظم الصناعات العراقية، وتشمل صناعة الأدوات المنزلية وبعض الأجهزة الكهربائية، وصناعة المشتقات النفطية، وصناعة الجلود، والنسيج، والإسمنت والآجر، والتبوغ، والأسمدة، وتقطير الخمور، ويجرى العمل في إنشاء مصنع للحديد والصلب.

وتتمثل الوظيفة الثقافية لبغداد بجامعة بغداد التي تأسست عام 1958، وتقع اليوم في ضاحية الجادرية جنوبي بغداد، وجامعة المستنصرية التي تأسست عام 1963 وتقع وسط المدينة قرب قناة الجيش، وقد أصبحت جامعة الحكمة الخاصة التي كان يديرها المبشرون الأمريكيون مقراً لمعهد التكنولوجيا عام 1972.

وتسهم المكتبات في التكوين الثقافي للمدينة، وأهمها المكتبة الوطنية التي تأسست عام 1925، ومكتبة الأوقاف التي تأسست عام 1929 ومكتبة الآثار العامة والمكتبة المركزية التي تأسست عام 1960 وغيرها من المكتبات الملحقة بالكليات والمعاهد العراقية.

كذلك تؤلف المتاحف إضافة أخرى إلى الحياة الثقافية، ومنها متحف القصر العباسي والمتحف العراقي ومتحف الآثار العربية والإسلامية ومتحف التاريخ الطبيعي ومتحف المدائن ومتحف الأزياء ومتحف الطفل.

ومن المعالم المهمة في المدينة شبكة من الطرق المعلقة والأنفاق والجسور على نهر دجلة وقناة «الجيش» ومجموعة من الأسواق العصرية والشعبية في مناطق مختلفة من المدينة.

وقد ابتنى في بغداد «قصر المؤتمرات» وافتتح عام 1981 ويشمل القاعات المخصصة للمحاضرات والاحتفالات.

ومن المشاهد السياحية ببغداد مشروع «البانوراما» الذي يقع قرب الموقع الأثري المسمى «طاق كسرى» شرق المدينة، ومتنزهات أبرزها «الزوراء» والجزيرة السياحية وحدائق «قناة الجيش» وبحيرة الثورة، وأبو نواس، والمسبح، إلى جانب الكثير من الآثار السياحية مثل المدرسة المستنصرية، والقصر العباسي، وخان مرجان، ومرقد الست زبيدة، ومنارة سوق الغزل.

وتمثل الأنصاب التي تصور بعض المشاهد التاريخية، مدرسة فنية مميزة للنحاتين العراقيين أسسها الفنان العراقي الراحل جواد سليم ونصبه (الحرية) القائم في ساحة التحرير الذي أنشئ عام 1961، من الأعمال المعروفة عالمياً. وقد انتشرت في شوارع بغداد وساحاتها شواهد للشعراء أبي نواس، والمتنبي، والرصافي، والملك الكلداني نبوخذ نصر، والخليفة المنصور، وللعلماء الرازي، والفراهيدي، ومسلة حمورابي، والعربة الآشورية، ونصب شهريار وشهرزاد من أدب «ألف ليلة وليلة» الذي ظل ملازماً لتاريخ بغداد.

وتعد «مدينة الطب» من أبرز المنشآت الصحية في بغداد، إلى جانب المراكز الأخرى العامة والخاصة للعيادة والاستشفاء، التي تؤلف البنية الصحية للمدينة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
بغداد.......
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات الخير للتواصل :: أقسام الترفيه :: السياحة والسفر-
انتقل الى: