كثير من الأهالي يتدخلون بشكل يفوق الحدود في الصداقات التي يقيمها أولادهم مع من هم في سنهم، وهذا يعتبر من الأخطاءالتي يمكن أن تؤثر على شخصيات أبنائهم في المستقبل. طبعا يحق للآباء التدخل أحيانا في انتقاء الصداقات التي يقيمها أولادهم مع الآخرين ولكن ذلك مرهون بحقائق يجب أن يعرفها الآباء والأمهات والا فان الأولاد سيلجأون الى اختيارات خاطئة في الصداقات قد يدفع ثمنها الأهل وليس الأبناء.
صداقات الأولاد مهمة منذ الصغر:
أوردت نشرة /بابليسيدادي/ البرازيلية الشهرية التي تعنى بشؤون الأجيال الصاعدة دراسة نشرها موقع /تيرا/ البرازيلي على الانترنت أكدت بأن الصداقة تعتبر في غاية الأهمية بالنسبة للأطفال منذ سن صغيرة وتكمن هذه الأهمية في انها تساهم في تطور الجانب النفسي من شخصية الطفل وتمنحه القدرة على اكتساب معرفة حول التعايش مع الآخرين والتأقلم مع المجموعات البشرية.
وأضافت الدراسة المقتضبة بأن هذا الاتصال الاجتماعي للطفل يساعده على معرفة نفسه قبل معرفة الآخرين وينمي تفكيره حول العالم والحياة، كما تساعد الصداقات التي يقيمها الأطفال مع الآخرين على النضوج السريع للشخصية. ومن خلال ذلك فهو يتعلم ماهي حدود الاحترام المتبادل وأوجه التشابه والاختلاف بين الناس اضافة الى تعلمهم معنى التضامن والمنافسة الايجابية.
العوامل الوراثية للشخصية:
وأوضحت الدراسة بأن بعض الأطفال يولدون وهم يحملون جينات وراثية تحدد جوانب من شخصياتهم نقلها اليهم الآباء والأمهات، لكن هذه الجوانب قد تتغير طبقا لعلاقة التعايش مع الصداقات التي يقيمها، وهذا يعتبر من الأمور الايجابية لأنه ، وطبقا للدراسة، فان الطفل يستطيع من خلال الصداقات الصحيحة مع الآخرين التخلص من بعض العادات السلبية التي ورثها عن أبيه وأمه. وشرحت الدراسة بأن ماهو جيد في شخصية الطفل يبقى ولكن الجوانب السلبية التي قد يكون مصدرها وراثي تتأثر في أحيان كثيرة مع صداقة يقيمها الطفل مع طفل آخر خال من أي جينات وراثية سلبية في الشخصية وفي أغلب الأحيان يأخذ هذا التأثر أبعادا ايجابية.
وقالت الدراسة ان كل مايلاحظه الطفل ويدركه ويتعايش معه ويتأثر به يساعد على تكوين شخصيته المستقبلية ولذلك لايمكن اغفال أهمية اندماج الطفل مع العالم الخارجي ليتعلم ويتأثر ويؤثر ويبني شخصيته. كما أن تفسير الطفل للحقائق والوقائع الحياتية ورؤيته لها من منظاره ومنظار الآخرين يساهم في بناء شخصيته.
مهمة الأهل تكمن في المراقبة والحيطة والحذر:
قالت الدراسة التي اطلعت عليها سيدتي ولخصت أهم النقاط الواردة فيها انه ينغي على الأطفال تعلم قيم ومبادىء الأبوين خلال السنوات المبكرة جدا من العمر وليس بعد أن يكبروا لأن القيم ان لم تعط للطفل منذ مرحلة مبكرة من العمر فانه سيكون من الصعب تشربها في الكبر. ومن ضمن هذه القيم التي يتعلمها الطفل من والديه يأتي موضوع تعليمه ومنذ الصغر على اختيار الصداقات الجيدة.
وأضافت الدراسة بأن تواجد الأبوين ضروري للغاية عندما عندما يبدأ الطفل ببناء صداقاته بين سني الثالثة والرابعة من العمر لأن هذ التواجد سيعلم الطفل ان كان مايختاره من أصدقاء صحيحا. وبالرغم من هذا التواجد القوي للأبوين ينبغي أن لايحاولا منع طفلهما وبشكل قاطع من التحدث مع هذا الشخص أو ذاك ذلك لأن الطفل يشعربنفسه اذا كان الزميل الذي يلعب معه مزعج أو مريح.
وشرحت الدراسة انه بامكان الأبوين ابعاد نفسيهما عندما يشعران بأن الطفل قد أدرك ماهو جيد أو سيء بالنسبة له من حيث اختيار صداقاته. وقالت أيضا ان دور الأبوين يتقلص في موضوع اختيار صداقات الأبناء كلما تقدم الأولاد في السن ومن الأفضل أن يكون هذا التقلص اختياريا من قبل الأبوين لأن دخول الابن أو الابنة في سن المراهقة يجبر الأبوين على ابعاد نفسيهما عن دائرة اختيار صداقات الأولاد
رأي خبير:
أكدت الخبيرة البرازيلية في علم الاجتماع ساندرا ساباتو / 30 عاما/ بأن الأولاد يتعلمون بشكل تلقائي انتقاء الأصدقاء لأنهم يمرون بمراحل تجعلهم يفكرون في كل مرة بالصداقة الجديدة التي أقاموها مع أحد ما الى أن يصلوا في النهاية الى قناعة بأن دائرة الصداقات يجب أن لاتكون مفتوحة أو بلا حدود، أي أن الأبناء سيكتشفون بأن هناك القليل من الصداقات التي يمكن أن يعتبروها حقيقية وخالية من المصالح الشخصية.
وقالت ان العصر الذي نعيش فيه هو عصر الدوائر الضيقة للصداقات. فمع التعقيدات اليومية للحياة يكتشف الشخص بأنه لاجدوى من وجود عشرات أو مئات الأصدقاء في حياته لأن ذلك يربكه، ومن الأفضل الاكتفاء بوجود اصدقاء قلة يمكنه الوثوق بهم، وربما تضيق الدائرة أكثر فأكثر الى أن ينتقي الفرد صديقا واحدا أو اثنين يعتبران الأفضل بالنسبة له من خلال تعلمه من التجارب السابقة